تتماوه «نحيب الرافدين» مع الطبقة المثقفة المضطهدة من أجزاء المخابرات ما لم يكن الكاتب عميلاً للسلطة، أو مرغماً، من أجل لقمة الخبز ومدارس الأولاد. والربيعي احد هؤلاء الذي اكتوى من هذا التظام، مع ان ارباحاً عديدة وضعت بين يديه ليسير في ركابه. فآثر النزوح الى تونس منذ ما يقرب من عشرين عاماً، بعيداً عن العسس العراقي وعيون المخابرات التي كانت تلاحق العراقي اينما كان. فلا يجرؤ على اي كتابة تنتقد النظام..
هذه الرواية التي كان الربيعي يكتبها فصلاً بعد فصل دون التجرؤ على نشرها، جاءت الآن وثيقة دافعة لما كان يحصل في العراق خلال الحرب العراقية الايرانية من ظلم واعتقالات وقود الرجال مهما كانت اعمارهم الى الحرب، فمن يهرب أو يتأخر يغتال أمام ذويه، اما ابناء السلطة وأزلامها، فلا أحد يقترب منهم، فيما يشاهدون في المرابع الليلية يرشون حزم الدنانير على اقدام الراقصات ولو كان من الدرجة العاشرة فترى الواحد منهم لم تسمع باسم مدينته انتش واخذته الاريحية. وبدأ يرش حزم الدنانير التي تطعم حياً كاملاً في «الشعلة» أو «الثورة» أو «الطوبجي» وغيرها من احياء الفقراء، على اقدام راقصة من الدرجة العاشرة.
غسان العامري بطل الرواية وراويها هي نفسه عبد الرحمن الربيعي الذي عانى ما عاناه من قسوة النظام حتى من زوجته التي ترى في صدام حسين فوق اسرتها كلها الزوج والاولاد بل كانت متنفذة الى حد اغتصبت منه البيت الذي اشتراه بعرق جبينه والقت به الى الشارع.